الاثنين، 17 أغسطس 2009

كيف تكون منتظرا حقيقيا..؟؟

1 _ إبعاد العامل المصلحي والشخصنة الذاتية في ممارسة الانتظار:
أن لا يكون الانتظار لأجل تحقيق مطامع شخصية وتحصيل وجاهات ذاتية فإنّ هذا الإنسان ليس منتظراً للإمام عليه السلام في الحقيقة وإنّما هو منتظرٌ للحصول على الشهوات النفسانية واللذّات الجسمانية. كما قال أمير المؤمنين: (إني أريدكم لله وأنتم تريدونني لأنفسكم)،ولهذا نجد الإمام الصادق عليه السلام يحذّر أبا بصير (رحمه الله) من مثل هذا الانتظار القائم بالحقيقة على الأطماع الذاتية، كما جاء في أصول الكافي عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جٌعلت فداك، متى الفرج؟ فقال: (يا أبا بصير، وأنت ممّن يريد الدنيا، من عرف هذا الأمر فقد فرّج عنه لانتظاره).
وهكذا جاء في تحف العقول عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (افترق الناس فينا على ثلاث فرق:
فرقة أحبّونا انتظار قائمنا ليصيبوا من دنيانا فقالوا وحفظوا كلامنا وقصروا عن فعلنا، فسيحشرهم الله إلى النار، وفرقة أحبّونا وسمعوا كلامنا ولم يقصروا عن فعلنا، ليستأكلوا الناس بنا فيملأ الله بطونهم ناراً يسلط عليهم الجوع والعطش، وفرقة أحبّونا وحفظوا قولنا وأطاعوا أمرنا ولم يخالفوا فعلنا فأولئك منّا ونحن منهم
).

وهذا يذكّرنا بحال طلحة والزبير حينما بايعا عليّاً طمعاً في أن ينالا منه سلطاناً أو جاهاً فلما خابا وخسئا نكثا بيعتهما وأخلفا وعدهما وباءا بالخسران المبين في الدنيا والآخرة.
2 _ التربية الروحية:
وتتمثل في السعي الحثيث والجاد لتهذيب النفس وتحليتها بالأخلاق الفاضلة وتقوى الله والورع عن محارمه، فقد جاء في الحديث الشريف عن أ بي عبد الله عليه السلام: (من سرّه أن يكون من أصحاب القائم فلينتظِر، وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظِر، فإن مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل أجر من أدركه، فجدّوا وانتظروا هنيئاً لكم أيتها العصابة المرحومة).
3 _ إعداد آلية القتال والدفاع عن النفس:
الأمر الثالث المحقق لكمال الانتظار وتمامية الشخصية المنتظرة هو التهيء في البعد العسكري والاستعداد الكامل في بناء الذات من ناحية قتالية من خلال التربية البدنية والجسدية حتّى تكون مؤهلة لذلك اليوم المنشود، وقادرة على الحركة بقوة وصلابة في ميادين القتال تحت راية الإمام عليه السلام ، أو من خلال تهيئة السلاح الكامل المناسب لذلك العصر، وقد أمر أهل البيت عليهم السلام بذلك صريحاً في أحاديثهم المباركة، فعن أبي بصير كما جاء في غيبة النعماني قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: (ليُعدَّن أحدُكم لخروج القائم ولو سهماً، فإنّ الله إذا علم ذلك من نيّته رجوت لأن ينسيء في عمره حتّى يدركه، ويكون من أعوانه وأنصاره).
وهذا ما نجده واضحاً جليّاً في دعاء العهد الذي يستحب قراءته في كلِّ يوم: (اللّهم إن حال بيني وبينه الموتُ الذي جعلته على عبادك حتماً مقضيّاً فأخرجني من قبري مؤتزراً كفني شاهراً سيفي مجرّداً قناتي مُلبيّاً دعوة الداعي في الحاضر والبادي... ).
لذا يمكننا أن نسجِّل هذا الأمر في ضمن مفردات الانتظار العملي لما يتمتع به هذا الاستعداد من بعث روح النشاط والحماس والجدّ والرغبة الملحّة والفاعلة لظهوره عليه السلام.
4 _ الارتقاء الروحي والتكامل العبادي
لا شك ولا ريب أنّ العبادة بجميع مفرداتها لهي خير وسيلة لتركيز صفة الانتظار في النفس الإنسانية وهذا ما نبّه عليه أهل البيت ولكنّ المهمّ هنا هو دوام ذكره عليه السلام والدعاء له، فمضافاً إلى أنه من أهم العبادات نراه يُشكل عاملاً آخر من عوامل بناء الشخصية المنتظِرة. وقد ذكر لنا أهل البيت عليهم السلام برنامجاً يومياً وأسبوعياً لهذا الأمر ركّزوا من خلاله على هذا الجانب تركيزاً كبيراً، فلذا ينبغي على المؤمن الالتفات إليه وعدم الغفلة عنه، ونحن نذكر هذا البرنامج بشكل مختصر لعموم الفائدة:
البرنامج اليومي:
1 _ قراءة دعاء العهد بعد صلاة الصبح.
2 _ التصدّق بمبلغ معيّن لسلامة صاحب العصر.
3 _ الصلاة على محمّد وآل محمّد (100) مرة بنيّة تعجيل الفرج.
4 _ قراءة دعاء: (اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن... ) بعد الصلوات الواجبة.
5 _ أداء صلاة الغفيلة بين العشائين بنيّة تعجيل الفرج.
البرنامج الأسبوعي:
1 _ أداء صلاة الإمام المهدي عليه السلام مساء الثلاثاء ليلة الأربعاء.
2 _ قراءة زيارة آل يس مساء الخميس ليلة الجمعة.
3 _ قراءة دعاء الندبة صباح الجمعة.
من كتاب : ثلاثية المعرفة المهدوية في المنتظَر والمنتظِر والانتظار - السيد محمد القبانجي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شارك بحملة تعجيل الفرج (يالثارات الحسين)

فوائد الدعاء للامام الحجة عجل الله فرجه الشريف

{ اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن ،، صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ،، ولياً و حافظاً و قائداً و ناصراً ,, ودليلاً و عيناً حتى تسكنه أرضك طوعاً و تمتعه فيها طويلاً . برحمتك يا أرحم الراحمين }

عن الإمام الصادق (ع):إن من يدعو لقائمنا فإنه يدعو له و طوبى لمن دعى له إمام زمانه...
فوائد الدعاء للقائم عجل الله فرجه كما أوردها صاحب كتاب (مكيال المكارم) في الدعاء للقائم عجل الله تعالى فرجه الشريف .
1- يثير غضب الشيطان اللعين .
2- سبب لاستجابة الدعاء.
3- ينجي صاحبه من فتن آخر الزمان .
4- يؤدي إلى غفران الذنوب .
5- يستوجب شفاعة الإمام الحجة عجل الله يوم الحساب .
6- علامة الانتظار .
7- يعجل بفرج مولانا صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه .
8- يطيل العمر .
9- ينفع الداعي عند سكرات الموت و يخفف عنه .
10- يزيد من إشراقة نور الإمام عجل الله فرجه الشريف في قلب الداعي .
11- ينال أعلى درجات الشهداء يوم القيامة .
12- الفوز بشفاعة فاطمة الزهراء عليها السلام .
13- يكون الداعي ممن احبه الله تعالى .
14- يبدل السيئات بالحسنات .
15- يدخل الجنة دون حساب .
16- تستغفر له الملائكة .
17- يكون له أمناً من عطش يوم القيامة .
18- يكون هذا الدعاء مؤنساً له في عالم البرزخ و القيامة .
19- يزيل الهموم و الغموم .
20- هو أفضل الأعمال عند الله و أحبها إليه .
21- يجزي صاحب الدعاء خيراً يوم القيامة .
22- كمال الدين .
23- بمنزلة من يقتل تحت راية الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف .
24- يحشر مع الأئمة الأطهار عليهم السلام .

الصلوات مفتاح حل المشكلات

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وانصر محبهم واهلك عدوهم

الصلوات مفتاح حل المشكلات

* أفضل هدية من الله تعالى للإنسان.
* من تحف الجنة.
* تُجلّي الروح.
* تُطيّب الفم.
* نورٌ على الصراط.
* شفيع للإنسان.
*ذكرٌ إلهي.
* توجب كمال الصلاة.
* توجب كمال الدعاء واستجابته.
* توجب تقرّب الإنسان.
* سبب رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المنام.
* أمانٌ من النار.
* أنيس في البرزخ والقيامة.
* جواز العبور إلى الجنة.
* تضمن نجاة الإنسان في العوالم الثلاثة.
* من الله رحمة, ومن الملائكة تطهير للذنوب, ومن الناس دعاء.
* أفضل وأعلى عمل يوم القيامة.
* أثقل شيء في الميزان.
* أحب الأعمال.
* تطفئ النيران.
* زينة الصلاة.
* تزيل الهموم.
* تطرد الفقر والذنوب.
*أفضل دواء معنوي.

والصلاة انيس المؤمن..اعمالنا مابين القبول وردها الا الصلاة على النبي محمد فقبولها حتما بدون تردد

بعض فوائد البسملة الشريفة

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلي على محمد وآل محمدوعجل فرجهم والعن عدوهم

قال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم "خذ من القرآن ما شئت لما شئت"

بعض فوائد البسملة الشريفة

1/ الهيبة: (150) مرة من داوم على قراءتها كل يوم صباحاً ومساءً ، رزق الهيبة عند العالم العلوي والسفلي.
2/ جلب الخير ودفع الشر: (786) مرة سبعة أيام متوالية على نية أي أمر كان ، تم له ذلك من جلب الخير أو دفع شرّ فتقضى حاجته بإذن الله تعالى .
3/ الأمن: (21) مرة عند النوم آمنه الله تعالى في تلك الليلة من الشيطان ، ومن السرقة ومن موت الفجأة ، ويدفع عنه كل بلاء
4/ إذلال الظالم: (50) مرة إذا قرأت البسملة في وجه ظالم عدد أذلّه الله.
5/ زوال الوجع: (100) مرة إذا قرأت البسملة على أي وجع كان مدة ثلاثة أيام زال الوجع بإذن الله تعالى.
6/ المحبة: (786) مرة على قدح من الماء وسقاه لمن شاء أحبه حباً شديداً.
7/ الحفظ والذكاء: (786) مرة على ماء وشرب منه بليد الفهم عند طلوع الشمس مدة سبعة أيام ، زالت بلادته وحفظ كل ما سمعه بإذن الله تعالى.
8/ لمن لا يعيش أولاده: (61) مرة وإذا كتبت (البسملة) وحملتها من لا يعيش أولادها ، عاشوا بإذن الله تعالى.
9/ حفظ الزرع والبركة فيه (101) مرة : إذا كتبت (البسملة) في ورقة ودفنت في الزرع أخصب ذلك الزرع ، وحفظ من جميع الآفات وحصلت فيه البركة.
10/ صيد السمك: وإذا كتبت (البسملة) في لوح من الرصاص ، ووضعت في شبكة صياد ، اجتمع إليه السمك من كل مكان.
11/ الصداع: (21) مرة من كتب (البسملة) في ورقة وعلقها على صاحب الصداع ، زال بإذن الله تعالى

(اللهم إني أسألك صبر الشاكرين)

(اللهم أني أسألك صبر الشاكرين لك، وعمل الخائفين منك، ويقين العابدين لك ...).

هذا المقطع من الدعاء يتضمن ثلاث سمات للشخصية الاسلامية الملتزمة هي الشاكرة والخائفة والعابدة وكل واحدة من هذه السمات للشخصية تقترن بسمة نفسية هي "الصبر" وبالنسبة الى الشخصية الشاكرة و"العمل" بالنسبة الى الشخصية الخائفة واليقين بالنسبة الى الشخصية العابدة.اذن: ثلاث سمات عامة للشخصية هي الشاكرة والخائفة والعابدة وثلاث سمات مرتبطة بها من الزاوية النفسية هي الصبر والعمل واليقين ... واذن "للمرة الجديدة" نحن الآن امام ستة طوابع او ملامح للشخصية الاسلامية الملتزمة فيما يجدر بنا ملاحظة ذلك الآن...بالنسبة السمة الاولى او الشخصية الشاكرة حيث توسل الدعاء بالله تعالى ان يمنحها "صبراً"، هذه السمة أي الشخصية الشاكرة لله تعالى مقترنة بعملية الصبر تحتاج الى شيء من توضيح دلالتها .. فماذا تعني؟من البين، ان الشريعة الاسلامية طالما تؤكد ومن خلال النصوص القرآنية والحديثية ظاهرة "الشكر" ولذلك ورد في القرآن الكريم ما يشير الى قلة الشخوص الشاكرة من خلال قوله تعالى: (وقليل من عبادي الشكور) ونتساءل اولاً عن المقصود من الشخصية الشاكرة؟ من البين ايضاً ان الشكر بمعناه اللغوي هو ان تتقدم الشخصية بعملية تقدير للجهة التي تحسن اليها بداءاً أكان التعامل مع الله تعالى او مع العباد مع ملاحظة ان الشكر لله تعالى لا يقاس مع سواه ولكن النصوص الشرعية حرصاً منها على ان تصوغ الشخصية الاسلامية سويةً لا تطبعها الامراض او السمات العصابية ترسلم لها مبادئ السلوك السوي من الزاوية النفسية والعبادية حيث ان الشخصية العبادية أي الملتزمة حقاً بمبادئ الاسلام لا يصبها مرض النفس ابداً فتكون سويةً بالضرورة المهم هو ان "الشكر" أي صدور التقدير من الشخص للجهة التي تحسن الى الشخص يعد من ابرز سمات الشخصية السوية، وذلك لسبب واضح هو ان النزعة الخيرة او الانسانية في اعماق الشخص تفرض عليه ان يقدر ويثمن أي احسان يقدم اليه لان الاحسان اساساً هو نزعة انسانية هذا في مقام السلوك البشر. واما بالنسبة الى "احسان" الله تعالى فهذا مما لا يقاس البتة بالاحسان المحدود بشرياً قبالة الله تعالى حيث لا حدود لاحسانه، وهو ما عبرت الآية الكريمة عنه عندما قالت (وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها).

في ضوء الحقيقة المتقدمة نخلص الى ان الشخصية "الشاكرة" هي الشخصية التي تمتلك نزعة انسانية خيرة بحيث تقتادها الى ان تقدر وتثمن وتقر بعملية الاحسان المقدم اليها وهذا يعني ان العكس هو الصحيح بالنسبة الى الشخصية الجاحدة للاحسان حيث ان التنكر او النسيان او عدم المبالاة في سلوك الشخصية غير الشاكرة يعني: مجموعة سمات سلبية مثل اللؤم، والحقد، والنزعة العدوانية والبخل....بيد ان الملفت للنظر حقاً هو ان الله تعالى لوح بمعاقبة هؤلاء الجاحدين بخاصة من يجحد نعمه تعالى حتى ان سورة قرآنية كريمة هي سورة سبأ قد استغرق غالبية مواقعها مآثرها من العقاب الدنيوي على عدم الشكر حيث يدل فراغها وطرق مواصلاتها من نعيم ملحوظ الى ابادة وتمزق.والان مع معرفتنا باهمية الشكر لله تعالى نتساءل لماذا قرن الامام الصادق(ع) وهو صاحب الدعاء المذكور سمة الشكر مع سمة الصبر حيث قال: (اللهم اني أسألك صبر الشاكرين لك)،

.اما الآن حسبنا ان نستثمر قراءة هذا الدعاء ونتذكر دواماً نعم الله تعالى علينا ومن ثم ان نشكره دواماً على ذلك وان ندرب ذواتنا على سائر الانماط من ا لطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

استغفر الله ربي واتوب اليه

(استغفرك من كل لذة بغير ذكرك، ومن كل راحة بغير انسك، ومن كل سرور بغير قربك، ومن كل شغل بغير طاعتك...).
هذا المقطع يتضمن استغفاراً ويتضمن اشارة الى اربعة انماط من التواصل مع الله تعالى احدها التواصل من خلال الذكر، والآخر من خلال الانس، والثالث من خلال القرب، والرابع من خلال الطاعة...اما الاستغفار من اية ممارسة ليس فيها ذكر الله تعالى فقد حدثناكم في لقاء سابق عن دلالته ونكاته، حيث قلنا ان الاستغفارَ اعم من الاستغفارِ عن ذنب بل يشمل الاستغفار من غير ذنب كما هو طابع استغفار المعصومين عليهم السلام ... اما الان نحدثكم عن الاستغفار من الممارسة الاخرى وهي الاستغفار من كل راحة بغير انس الله تعالى فماذا تعني هذه العبارة؟قبل ان نحدثكم عن هذا الجانب ينبغي ان نذكركم بان العبارات المتنوعة التي لاحظناها تبدو وكأنها متماثلة او متقاربة في دلالتها، ونحسب ان من الصعوبة ان يستطيع القارئ للدعاء ان يوضح لنا الفروق بين العبارات الاتية اللذة، السرور، الراحة، الانس، وحتى لو ان قارئ الدعاء تأمل بدقة وصرف وقتاً في تبيين الفروق بين هذه العبارات حينئذ سيقف حائراً في تحديد الفروق الدقيقة لكن حسبنا جميعاً ان نتبين ولو يسيراً ما تعنيه العبارات المذكورة.ولنقف اولاً كما اشرنا عند العبارة المستغفرة من كل راحة بغير الانس مع الله فماذا نستخلص منها؟ان الانس هو ضد "التوحش" أي الالفة بالشيء هنا نلفت نظرك الى ان عملية "الاشباع" للحاجات البشرية تظل متنوعة فمثلاً اذا كنت جائعاً فان الاشباع كما كما يختلف عن الاشباع فيما لو كنت خائفاً ثم حصل الاطمئنان وذهب الخوف، وكذلك هذان النمطان من الاشباع يختلفان عن اشباع ثالث، وهذا كما لو كنت وحدك مثلاً وانت تتحس الملل ثم جاءك من يطرد الملل والوحشة عنك وهكذا...اذن: الاشباع وهو سد الحاجة يختلف من نمط الى آخر، وحيث تتجه الى ما اشرنا اليه من التوسل القائل بالاستغفار من كل راحة بغير الانس بالله تعالى، نجد ان الاشباع هو "الراحة" أي تحقق توازن الشخصية، واظنكم تسأءلون جديداً هل ان "الاشباع" يحقق توازنات متنوعة نقول: نعم، حيث ان الراحة هي غير السرور والسرور غير الفرح وهما غير اللذة وهكذا...اذن: ما المقصود من "الراحة" هنا؟ ثم ما المقصود من الانس هنا؟المقصود من الراحة هو السكون الى الشيء فمثلاً اذا كنت جالساً وحدك ثم جاءك صديق كريم حينئذ سوف تسكن نفسك اليه وهذا هو الراحة.واما بالنسبة الى الانس فهو ضد الوحشة أي الالفة فمثلاً اذا كنت "متوحشاً" من البيئة الصحراوية، واليفاً مع البيئة الزراعية، حينئذ فان "الانس" بالبيئة الاخيرة أي الزراعة تعني انك تألف هذه البيئة وتتوحش من سواها.وفي ضوء من الحقيقة ماذا نستخلص من عبارة الدعاء القائلة "واستغفرك ... من كل راحة بغير أنسك"؟
.اما الآن فحسبنا ان نشير الى ضرورة استثمار هذه المواقف، واستخلاص العظة منه وهو: التواصل مع الله تعالى على المستويات جميعاً، أي الا نحيا اية فعالية سواءاً كانت ذهنية ام قلبية ام عملية الا تغفل لحظة عن الله تعالى وان ندرب ذواتنا على ذلك والتصاعد به الى النحو المطلوب.

سورة الفاتحة

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم

رواه أمير المؤمنين علي(عليه السلام) عن الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) قال:«إنَّ اللهَ تعالى قَالَ لِي يا محمّد وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ، فأفرَدَ الإِمْتنَانَ عَلَيَّ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَجَعَلَهَا بِإزَاءِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَإِنَّ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ أشْرَفُ مَا فِي كُنُوزِ الْعَرْشِ...»ومن هذا المنطلق أيضاً قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فيما روي عنه: «أَيُّمَا مُسْلِم قَرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ أُعْطِيَ مِنَ الاَْجْرِ كَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلْثيِ الْقُرْآنِ، وَأُعْطِيَ مِنَ الاَْجْرِ كَأَنَّمَا تَصَدَّقَ عَلَىكُلِّ مُؤْمِن وَمُؤْمِنَةولعل ابن عباس ينطلق من هذا الفهم إذ يقول: «إن لكل شيء أساساً ... وأساس القرآن الفاتحة».سورة الحمد أساس القرآن ـ
فقد روي عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)أنّه قال لجابر بن عبدالله الأنصاري: «ألا أُعَلّمُكَ أَفْضَلَ سُورَة أَنْزَلَهَا اللهُ في كِتَابِهِ؟»قَالَ جَابرُ: بَلى بِأَبي أَنْتَ وَأُمّي يَا رَسُولَ اللهِ، عَلِّمْنِيهَا. فَعَلَّمَهُ الْحَمْدَ أُمَّ الْكِتَابِ، وَقَالَ:هِي شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاء،إِلاّ السَّامَ، وَالسَّامُ الْمَوْتُ».

وروي عنه(صلى الله عليه وآله وسلم) أيضاً أَنَّهُ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَنْزَلَ اللهُ في التَّوْرَاةِ،وَلاَ في الإنجيل ولا في الزّبُورِ وَلا في الْقُرْآنِ مِثْلَهَا، وَهِيَ أُمُّ الْكِتَابِ»ـ

ممّا تقدم نفهم سبب تأكيد السّنة بمصادرها الشيعية والسنّية على تلاوة هذه السّورة ـ فتلاوتها تبعث الروح والإِيمان والصفاء في النفوس، وتقرّب العبد من الله، وتقوّي إرادته،وتزيد اندفاعه نحو تقديم المزيد من العطاء في سبيل الله، وتبعده عن ارتكاب الذنوب والإِنحرافات.ولذلك كانت أُمّ الكتاب صاعقة على رأس إبليس كما ورد عن الإِمام جعفر بن محمّد الصادق(عليه السلام):«رَنَّ إِبْلِيسُ أَرْبَعَ رَنّات، أَوَّلُهُنَّ يَوْمَ لُعِنَ، وَحِينَ أُهْبِطَ إِلَى الاِْرْضِ، وَحِينَ بُعِثَ محمّد صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَآلِهِ عَلى حِين فَتْرَة مِنَ الرُّسُلِ، وَحيِنَ نَزَلَتْ أُمُّ الْكِتَابِ».محتوى السّورة:كلّ واحدة من الآيات السبع في هذه السّورة تشير إلى حقيقة هامّة: (بِسْمِ اللهِ ...) بداية لكلّ عمل، وتعلّمنا الاستمداد من الباري تعالى لدى البدء بأي عمل.

(اَلْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) درس في عودة كلّ نعمة ورعاية إلى الله تعالى، وإلفات إلى حقيقة إنطلاق كلّ هذهالمواهب من ذات الله تعالى. (اَلرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) تبيّن هذه الحقيقة، وهي: إنّ خلق الله ورعايته وحاكميته تقوم على أساس الرّحمة والرّحمانية، وهذا المبدأ يشكّل المحور الأساس لنظام رعاية العالم. (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) استحضار للمعاد ويوم الجزاء، ولحاكمية الله على تلك المحكمة الكبرى. (إِيّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعيِنُ) تبيّن التوحيد في العبادة، والتوحيد في الاستعانة بالأسباب.

(إِهْدِنَا الْصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) توضّح حاجة العباد ورغبتهم الشديدة للهداية، وتؤكّد حقيقة أن كل ألوان الهداية إنما تصدر منه تعالى. وآخر آية من هذه السّورة ترسم معالم (الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) وتميّز بين صراط الذين أنعم الله عليهم،وصراط الذين ضلّوا والذين استحقّوا غضب الله عليهم. ويمكن تقسيم هذه السّورة، من منظار آخر إلى قسمين: قسم يختصّ بحمد الله والثناء عليه، وقسم يتضمّن حاجات العبد.

وإلى هذا التقسيم يشير الحديث الشريف عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)

قال:«قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: قَسَّمْتُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ بَيْني وَبَيْنَ عَبْدِي، فِنِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سأَلَ. إِذَا قَالَ الْعَبْدُ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) قَالَ الله جَلَّ جَلاَلُهُ: بَدَأ عَبدِي باسْمِي وَحَقَّ عَلَيَّ أنْ اُتَمِّمَ لَهُ اُمُورَهُ وَاُبارِكَ لَهُ فِي أحوَالِهِ. فَإذا قَالَ: (الحَمدُ لِلّهِ رَبِّ العَالَمِينَ) قَالَ اللّهُ جَلَّ جلالُهُ: حَمَدَنِي عَبدِي وَعَلِمَ أَنَّ النِعَمَ الَّتِي لَهُ مِنْ عِنْدِي،وَأَنَّ اْلبَلايَا الَّتِي دَفَعْتُ عَنْهُ فبِتَطَوُّلِي، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي أُضِيفُ لَهُ إِلى نِعَمِ الدُّنْيَا نِعَمَ الآخِرَةِ، وَاَدْفَعُ عَنْهُ بَلاَيَاالآخِرَةِ كَمَا دَفَعْتُ عَنْهُ بَلاَيَا الدُّنْيَا. وَإِذَا قَالَ: (اَلرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) قَالَ الله جَلَّ جَلاَلُهُ: شَهِدَ لِي عَبْدِي أَنِّي اَلرَّحْمنُ الرَّحِيمُ، أُشْهِدُكُمْ لأُوَفِّرَنَّ مِنْ رَحْمَتِي حَظَّهُ وَلأُجْزِلَنَّ مِنْ عَطَائِي نَصِيبَهُ. فَإِذَا قَالَ: (مَالِكِ يَوْمِ الدّين) قَالَ الله تَعالى: أُشهِدُكُمْ كَمَا اعْتَرَفَ بِأَنِّي أَنَا مَالِكُ يَوْمِ الدِّينِ لأُسَهِّلَنَّ يَوْمَ الْحِسابِ حِسَابَهُ، وَلأَتَقَبَّلَنَّ حَسَنَاتِهِ، وَلأَتَجَاوَزَنَّ عَنْ سَيِّئاتِهِ. فَإِذَا قَالَ: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: صَدَقَ عَبْدِي، إِيَّايَ يَعْبُدُ أُشْهِدُكُمْ لأُثِيبَنَّهُ عَلَى عِبَادَتِهِ ثَوَاباً يَغْبِطُهُ كُلُّ مَنْ خَالَفَهُ في عِبَادَتِهِ لي.

فَإِذَا قَالَ: (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) قَالَ اللهُ تَعالى: بِيَ اسْتَعَانَ عَبْدِي، وَإلَيَّ إِلْتَجَأَ، أُشْهِدُكُمْ لأُعِينَنَّهُ عَلى أُمْرِهِ، ولأُغيثَنَّهُ فِي شَدَائِدِهِ وَلآخُذَنَّ بِيَدِهِ يَوْمَ نَوَائِبِهِ. فَإِذَا قَالَ: (إِهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُستَقِيم) إلى آخر السّورة قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ وَقَد اسْتَجَبْتُ لِعَبْدِي وَأَعْطَيتُهُ مَا أَمَّلَ وَآمَنْتُهُ مِمَّا مِنْهُ وَجِلَ»

عليّ بن إبراهيم، عن الإِمام الصادق(عليه السلام)، أنّ رَسُولَ الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قَالَ لِعَلّي(عليه السلام): «يَا عَلِيُّ، إنَّ الْقُرْآنَ خَلْف فِرَاشِي فِي الصُّحُفِ وَالْحَرِيرِ وَالْقَرَاطِيَس،فَخُذُوهُ وَأجْمِعُوهُ وَلاَ تُضَيِّعُوهُ كَمَا ضَيَّعَتِ الْيَهُودُ التَّوْرَاةَ، وانْطَلَقَ عَلِيٌّ(عليه السلام) فَجَمَعَهُ فِي ثَوْب أَصْفَرَ، ثُمَّ خَتَمَ عَلَيْهِ»